loader image

سرقة المليار دولار والشيخ أحمد المشعل الصباح

شيخ 26 سلندر بلا محاسبة

سرقة المليار دولار والشيخ أحمد المشعل الصباح

 

 

 

في هذه الليلة نفتح واحدا من أخطر ملفات الفساد المالي في تاريخ الكويت، تحت عنوان "سرقة المليار دولار"، والتي ترتبط بشكل مباشر بشخصية الشيخ أحمد المشعل الصباح. لا نسعى إلى إطلاق الاتهامات بلا دليل، بل نعرض الوقائع ونستند إلى وثائق وأحداث وقرارات، في محاولة جادة لفهم كيف ضاعت أموال الشعب، ولماذا لم يُحاسب أحد حتى اللحظة.

 

 

 

 

التوجيه الديني والوطني لمحاسبة الفساد

 

نحن أمام مسؤولية دينية ووطنية تدفعنا للحديث والبحث عن الحقيقة. يقول الله تعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾، كما أن توجيها أميريا صريحا ورد على لسان الشيخ مشعل الأحمد الصباح جاء فيه أن "أول من يُطبق عليه القانون هم أبنائي". ومن هذا المنطلق، لا بد أن تشمل المساءلة الجميع، دون تفرقة.

 

 

تضارب المصالح في مؤسسة الموانئ

 

شغل الشيخ أحمد المشعل الصباح منصب نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة الموانئ الكويتية بين عامي 2014 و2018، في الوقت الذي كانت فيه المؤسسة تقاضي شركة "كي جي إل"، التي يمتلك الشيخ وأقرباؤه حصصا فيها، ما يمثل تضاربا واضحا في المصالح. هذا التعارض لم يُعالج ولم ينفه أحد حتى اليوم، ما يعكس خللا مؤسساتيا خطيرا.

 

 

 

مقارنة بين شخصيتين: الإصلاح يُعاقب والفساد يُكافأ

 

الشيخ يوسف العبدالله الصباح، خريج جامعة أكسفورد، ترأس مؤسسة الموانئ من 2015 إلى 2023 ورفع إيراداتها من 14 مليونا إلى 56 مليون دينار. وبدلا من تكريمه، أُبعد عن منصبه. وفي المقابل، بقي الشيخ أحمد المشعل الصباح في موقعه رغم تضارب المصالح.

 

 

سرقة نصف مليار دولار من صندوق الموانئ

 

أنشئ صندوق استثماري ساهمت فيه مؤسسة الموانئ الكويتية ومؤسسة التأمينات الاجتماعية وشركة الخليج للاستثمار، واستثمرت فيه شركة "كي جي إل". وبعد فترة، اختفت 500 مليون دولار من أموال الصندوق. صدر حكم بالسجن 15 عاما بحق رئيس مجلس ادارة شركة "كي جي إل"سعيد دشتي ونائبته الروسية ماريا لازاريفا، لكن لم يُسترجع أي مبلغ، ولم تُوقف الشركة عن العمل، ولم يصدر ضدها أي تقرير من الشيخ أحمد المشعل الصباح، الذي يشغل منذ عام 2012 وحتى اليوم منصب رئيس جهاز متابعة الأداء الحكومي.

 

 

مشروع صباح الأحمد اللوجستي: السرقة الثانية

 

في مشروع استثماري ضخم في الفلبين، أُعلن عن تحقيق إيرادات بلغت 665 مليون دولار، إلا أن التحقيقات اللاحقة كشفت أن الدخل الحقيقي للمشروع اقترب من 980 مليون دولار. هذا الفرق، الذي تجاوز 300 مليون دولار، لم يكن مجرد خطأ محاسبي، بل يمثل عملية سرقة ممنهجة أخفتها عصابة شركة "كي جي إل". وتحولت هذه الأموال إلى حسابات خاصة في بنك نور دبي الإسلامي، وليس إلى حسابات الصندوق الاستثماري الكويتي. وبفطنة حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، اشتبه في وجود شبهة فساد، فأصدر أوامره بحجز تلك الأموال، وهو ما أدى إلى كشف جزء من خيوط القضية.

 

 

موقف القضاء الكويتي من الأموال المسروقة

 

قام النائب العام، المستشار ضرار العسعوسي، بتوجيه كتاب يقضي بالإفراج عن الأموال المحجوزة، بدلا من فتح تحقيق شامل في كيفية تحويل هذه الأموال إلى حسابات خاصة لا تمت بصلة إلى الصندوق أو الجهات المستثمرة. هذا القرار جرى دون الوقوف عند حقيقة أساسية وخطيرة، وهي أن الأموال لم تدخل حسابات المؤسسات الرسمية بل دخلت إلى حسابات خاصة، فكيف تغيب هذه المعلومة الجلية عن النائب العام الذي يُفترض فيه الحياد والصرامة في تطبيق القانون؟

 

 

أراضٍ ضائعة وعقود لم تُحاسب

 

هناك أرض بمساحة مليون متر مربع في منطقة ميناء عبد الله لم تُسلَّم للدولة رغم صدور حكم قضائي نهائي يُلزم بذلك، ما يُعد استيلاءً صريحا على أملاك الدولة. كما لم تدفع شركة "كي جي إل" إيجار هذه الأرض منذ أكثر من عشرين عاما، ما ألحق بالخزينة العامة خسائر تُقدّر بعشرات الملايين من الدنانير. كل هذه التجاوزات الخطيرة، من اغتصاب الأرض إلى الامتناع عن دفع الإيجارات، مرّت دون أن يُسجل الشيخ أحمد المشعل الصباح، بصفته رئيس جهاز متابعة الأداء الحكومي، أي ملاحظة أو مساءلة تُذكر حيالها.

 

 

النفوذ الخارجي واستخدام المال العام للضغط الدولي

 

استُخدمت أموال الشركة لتشكيل لوبيات ضغط أمريكية كان أبرزها الاستعانة بنيل بوش، شقيق الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، للضغط على الحكومة الكويتية من أجل إطلاق سراح ماريا لازاريفا، رغم الأحكام القضائية الصادرة بحقها. وقد أثمرت هذه الجهود، حيث تم إطلاق سراحها، ثم لجأت لاحقا إلى السفارة الروسية، لتغادر بعدها الأراضي الكويتية، في مخالفة صريحة وانتهاك صارخ لسيادة الدولة والقانون الكويتي. كما أن الأموال نفسها استُخدمت في تمويل قضايا فساد أخرى، من أبرزها قضية فؤاد صالحي وغسيل الأموال.

 

 

 

ازدواجية في تطبيق القانون

 

الشيخ أحمد المشعل كتب تقارير لوقف شركات أخرى مثل شركة الخليج للكيبلات برئاسة بدر ناصر الخرافي، التي وُضعت على قائمة الحظر من مناقصات الدولة لمدة سنتين بناءً على هذه التقارير، مما ألحق بها ضررا كبيرا في سمعتها وسوقها. إلا أن لجنة التظلمات في مجلس الوزراء قررت لاحقا رفع الحظر وإعادة الشركة إلى السوق، في خطوة اعتُبرت انتصارا قانونيا وأخلاقيا لها، ودليلا واضحا على بطلان تقارير المشعل التي اتُّهمت بأنها كانت بدوافع انتقامية لتحقيق مصالح خاصة. وفي الوقت نفسه، تجاهل تماما ما يخص شركة "كي جي إل" رغم فداحة المخالفات التي ارتكبتها. فهل يُطبَّق القانون على الجميع، أم يُستثنى منه أصحاب النفوذ؟

 

 

السؤال النهائي: ماذا لو؟

 

ماذا سيكون موقف الدولة إذا تم الكشف عن دليل مباشر على فساد الشيخ أحمد المشعل الصباح؟ هل ستكون هناك مساءلة حقيقية؟ أم أن المصالح ستبقى هي الحَكم؟ هذا السؤال يبقى مفتوحا، والإجابة عليه هي اختبار لمصداقية الدولة في مكافحة الفساد.

 

في المرفقات 22 وثيقة عن تفاصيل القضية

المرفقات