أمير العفو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح
دور تاريخي في المصالحة الوطنية
- المحرر د. عبدالله محمد الصالح
منذ توليه مقاليد الحكم في 29 سبتمبر 2020، خلفا للأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، كرَّس الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، الأمير السادس عشر للكويت، جهوده لتعزيز المصالحة الوطنية وإرساء نهج التسامح، مما جعل اسمه يقترن بلقب "أمير العفو"، تقديرا لقراراته التاريخية في لمّ الشمل الوطني وتجاوز الخلافات السياسية.
جاء هذا اللقب تقديرا لجهوده الحثيثة في إصدار سلسلة من مراسيم العفو، والتي شملت العشرات من المعارضين السياسيين والنشطاء، في خطوة هدفت إلى تحقيق مصالحة وطنية شاملة، أتاحت الفرصة لعودة العديد من المعارضين الذين اضطروا لمغادرة البلاد بسبب قضايا سياسية.
وقد تولى الأمير الراحل مقاليد الحكم في فترة اتسمت بالتحديات السياسية، إذ كانت البلاد تعاني من احتقان سياسي متزايد، لا سيما بعد الأحكام القضائية التي طالت نشطاء سياسيين ممن شاركوا في حراك 2011. هذا الوضع دفع الكثير منهم إلى الهجرة لسنوات خارج الكويت، حتى جاء الشيخ نواف الأحمد ليقود مرحلة جديدة من التهدئة الوطنية.
منذ اللحظة الأولى لتسلمه الحكم، شدَّد الشيخ نواف الأحمد على ضرورة فتح صفحة جديدة، ترتكز على التكاتف الوطني والتوافق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية. وقد تُرجمت توجيهاته إلى خطوات عملية، أبرزها عقد الحوار الوطني وإنشاء لجنة العفو، التي ضمَّت رؤساء السلطات الثلاث؛ التشريعية والتنفيذية والقضائية، بهدف وضع ضوابط وآليات العفو عن المدانين في القضايا السياسية.
استنادا إلى المادة 75 من الدستور الكويتي، التي تمنح الأمير صلاحية العفو بمرسوم عن العقوبات أو تخفيفها، أصدر الشيخ نواف الأحمد سلسلة من مراسيم العفو التي شملت مختلف القضايا السياسية على مدار عشرة أعوام، ما أسهم في تعزيز المصالحة الوطنية ولمِّ شمل العديد من المواطنين المهجّرين.
بدأت هذه المبادرات في 8 نوفمبر 2021، عندما أصدر الأمير الراحل مرسوم العفو 202، الذي شمل العفو عن عدد من المدانين في قضايا سياسية بارزة، من بينها قضية دخول مجلس الأمة، والتي كانت إحدى المحطات الأساسية في حراك 2011.
استكمالا لنهج المصالحة، أصدر الأمير الراحل المرسوم 2018 لسنة 2022، والذي نص على العفو الخاص عن تنفيذ العقوبات المقيدة للحرية بحق المواطنين الكويتيين عن الجرائم التي وقعت خلال الفترة من 16 نوفمبر 2011 إلى 31 ديسمبر 2021. وبناء على هذا المرسوم، تم إصدار عفو في يناير 2023 وآخر في نوفمبر 2023، مما أسهم في تعزيز المصالحة الوطنية ولمِّ شمل العديد من المواطنين.
وفي 17 يناير 2023، أصدر الأمير الراحل مرسوما جديدا للعفو، شمل عددا من الشخصيات السياسية والنشطاء، من بينهم أفراد على صلة بقضايا سياسية مختلفة، ومن أبرزهم شخصيات مرتبطة بقضية قروب الفنطاس وكذلك بعض المهجرين في لندن، مما أسهم في تهدئة الأوضاع الداخلية وتعزيز أجواء المصالحة الوطنية.
وفي 27 نوفمبر 2023، واصل الأمير الراحل نهجه في تعزيز المصالحة الوطنية بإصدار مرسوم عفو جديد، بعد موافقة مجلس الوزراء الكويتي برئاسة الشيخ أحمد النواف. شمل هذا العفو عددا من الشخصيات السياسية الذين واجهوا أحكاما قضائية، ومن بينهم المهجرون في لندن، إلى جانب مجموعة من الشباب الذين ارتبطت قضاياهم بالشأن السياسي. جاءت هذه الخطوة تعزيزا لمسيرة العفو التي تبناها الأمير الراحل، تأكيدا على التزامه بتخفيف التوترات السياسية وتحقيق التوافق الوطني.
وأبرز من شملهم العفو الكريم على القضايا السياسية هم كالتالي:
مسلم محمد حمد البراك
فيصل علي عبدالله المسلم
جمعان ظاهر ماضي الحربش
مبارك محمد كنيفذ الوعلان
خالد مشعان منيخر طاحوس
سالم نملان مدغم العازمي
محمد عبدالعزيز البليهيس
مشعل محمد خليف الذايدي
ناصر محمد فراج المطيري
عبدالعزيز جارالله المطيري
عبدالعزيز منيس المنيس
عذبي فهد الأحمد الصباح
فلاح حجرف كحموم الحجرف
أحمد داود سلمان الصباح
عبدالمحسن محمد عبدالمحسن العتيقي
خليفة علي خليفة الصباح
رانية ناصر سعد المنيفي
عبدالحميد عباس حسين دشتي
صقر عبدالرحمن خليل الحشاش
مساعد عبدالله عثمان المسيليم
عبد الرحمن طالب فوزان العجمي
عبدالله محمد عبدالله الصالح
بهذه الخطوات الجريئة، أسَّس الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح لإرث خالد من المصالحة والتسامح، فكان أميرا للحكمة، ورمزا للوحدة الوطنية، وقائدا ألهم شعبه بمعاني العفو والتآخي. وستظل بصماته محفورة في وجدان الكويت، كأحد القادة الذين صنعوا الفرق وأعادوا رسم ملامح الوفاق الوطني.