فساد الأراضي في الديوان الأميري
تحت قبة الديوان الأميري .. من المستفيد الحقيقي من أراضي الدولة؟
- المحرر د. عبدالله محمد الصالح
في عهد الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الذي يُعرف بحرصه على تعزيز مكانة الكويت كدولة مؤسسات وإنسانية، ظهرت بعض القضايا التي أضعفت الثقة في إدارة موارد الدولة، خاصة فيما يتعلق بتخصيص الأراضي العامة. ورغم التوجهات الإصلاحية التي حملها هذا العهد، إلا أن بعض المسؤولين استغلوا مواقعهم لتحقيق مكاسب شخصية، بعيدا عن الرقابة والشفافية المطلوبة.
من بين هذه القضايا، برزت ثلاث حالات واضحة لاستغلال الأراضي المخصصة للديوان الأميري، تُظهر كيف تم تحويل موارد الدولة لخدمة مصالح شخصية، وسط أزمة إسكانية يعاني منها المواطنون. هذه القضايا التي شهدتها الكويت في ذلك الوقت ما زالت تُلقي بظلالها على المشهد العام، مما يُبرز الحاجة إلى إصلاح جذري في إدارة الموارد العامة.
تحدث الدكتور عبدالله الصالح عن هذه القضية في إحدى حلقاته، مشيرا إلى استغلال النفوذ في تخصيص الأراضي العامة. وسلط الضوء على الطريقة التي تمنح بها الأراضي لأفراد نافذين على حساب المواطنين، مما أثار جدلا واسعا حول غياب الشفافية والعدالة في إدارة موارد الدولة. وتناول الصالح القضية بأسلوب مباشر، ما جعلها محط اهتمام الرأي العام ودعوة لإعادة النظر في آليات تخصيص الأراضي.
أرض لابن خالد العبدالله في السادسة عشرة كيف تُمنح موارد الدولة للمراهقين
القضية الأولى: أرض لابن الشيخ خالد العبدالله الصباح
في عام 2015، شهدت الكويت واحدة من أبرز قضايا تخصيص الأراضي، عندما حصل ابن الشيخ خالد العبدالله الصباح، رئيس المراسم الأميرية، على قطعة أرض بمساحة 1000 متر مربع في منطقة هدية. المستفيد كان مراهقا في السادسة عشرة من عمره فقط، ما أثار استياءً شعبيا واسعا وتساؤلات حول أولويات توزيع الأراضي.
السؤال الذي يطرح نفسه: كيف يُمنح شاب في هذا العمر أرضا بهذه المساحة، بينما ينتظر آلاف المواطنين الكويتيين سنوات طويلة للحصول على أرض لبناء منازلهم؟
الحادثة تعكس بشكل جلي افتقار توزيع الموارد إلى معايير عادلة وشفافة. وإذا لم تُستخدم الأرض للغرض الذي خُصصت من أجله، فإن ذلك يزيد من التساؤلات حول مصداقية ونزاهة هذا التخصيص.
مدير مكتب الأمير يستغل منصبه ويمنح شقيقته أرضًا مميزة في الخالدية
القضية الثانية: أرض لشقيقة أحمد الفهد، مدير مكتب الأمير الراحل
في سياق قضايا استغلال النفوذ المرتبطة بتخصيص الأراضي، برزت قضية أحمد الفهد، الذي كان يشغل منصب مدير مكتب الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد. استغل الفهد موقعه لتخصيص قطعة أرض تبلغ مساحتها 1023 مترًا مربعًا في منطقة الخالدية لشقيقته نورة فهد سليمان الفهد.
ما أثار الجدل الأكبر في هذه القضية أن الأرض لم تُستخدم للسكن أو الغرض المخصص لها، بل بيعت في نفس يوم استلامها. البيع السريع للأرض يعكس نية واضحة لتحقيق مكاسب مالية فورية، مما يثير تساؤلات حول الهدف الحقيقي من التخصيص. هل كانت هذه الأرض منحة خُصصت استثناءً للحاجة، أم أنها كانت جزءا من عملية استغلال السلطة والنفوذ لتحصيل أرباح شخصية؟
هذه الواقعة ليست مجرد مثال على التنفيع، بل تكشف ضعف الرقابة على تخصيص الأراضي العامة وغياب الإجراءات التي تمنع تحويل هذه الموارد الوطنية إلى أدوات لتحقيق مكاسب تجارية. وهي بذلك تمثل انتهاكا صريحا للعدالة الاجتماعية، حيث لا يزال المواطن العادي يواجه صعوبات جمة للحصول على قطعة أرض، بينما تمنح أراضٍ في مواقع متميزة لأفراد يمكنهم الاستفادة منها ماديا دون رقابة أو مساءلة.
وكيل الديوان الأميري يحصل على أرض في هدية والمواطن ينتظر والنافذون يستفيدون
القضية الثالثة: أرض للسيد يوسف الرومي
يوسف حمد يوسف الرومي، وكيل الشؤون الإعلامية والثقافية في الديوان الأميري، كان أيضا أحد الشخصيات التي استفادت من تخصيص الأراضي العامة. في عام 2015، حصل الرومي على قطعة أرض بمساحة 1000 متر مربع في منطقة هدية.
رغم أن تفاصيل استخدام الأرض لم تتضح بشكل كامل، إلا أن تخصيصها لشخصية بارزة في الديوان الأميري أثار العديد من علامات الاستفهام. وإذا كانت الأرض قد استُخدمت للأغراض السكنية المخصصة لها، فقد يكون الجدل محدودًا. ولكن في حال تم تحويلها إلى أرض استثمارية أو بيعت لتحقيق مكاسب مالية، فإن ذلك يعزز الشكوك حول استغلال النفوذ لتحقيق منافع شخصية.
القضية تكشف عن نمط متكرر في إدارة الموارد العامة، حيث تُمنح الأراضي لأشخاص نافذين دون وجود معايير شفافة تضمن أن هذه الموارد تُستخدم بالشكل الذي يخدم الصالح العام. في ظل أزمة إسكانية يعاني منها المواطن الكويتي، يصبح تخصيص الأراضي لشخصيات بارزة على حساب المواطنين مؤشرًا على غياب العدالة والمساواة في توزيع الموارد.
قضايا التخصيص تكشف استغلال الموارد وسط أزمة إسكانية خانقة
الخاتمة
في عهد الشيخ صباح الأحمد، عُرف عن الكويت نهجها الإنساني والدولي في دعم الشعوب والمجتمعات الأخرى. لكن هذه القضايا تُظهر أن هناك تحديات كبيرة على المستوى الداخلي، خاصة في إدارة موارد الدولة.
إذا لم نتصدى لهذه المشكلات بجدية، فقد يتفاقم الشعور بعدم المساواة بين المواطنين، مما يُهدد استقرار المجتمع وثقته بمؤسساته.
إن الكشف عن هذه القضايا يمثل فرصة للقيادة الحالية لمعالجة الأخطاء الماضية وتعزيز الشفافية والمساواة. الكويت بحاجة إلى نظام يُكرّس العدالة، حيث تكون الموارد متاحة لكل من يستحقها، وليس فقط لأصحاب النفوذ.
في المرفقات: وثائق الأراضي