loader image

سرقة ضيافة الداخلية

تورط شخصيات بارزة والقضاء يحكم بالمؤبد والغرامات

سرقة ضيافة الداخلية

تُعد قضية "ضيافة الداخلية" من أبرز قضايا الفساد في الكويت، حيث كشفت عن اختلاس مبالغ ضخمة من المال العام عبر فواتير وهمية في وزارة الداخلية. تعود تفاصيل القضية إلى عام 2016، عندما قامت لجنة الميزانيات في مجلس الأمة بفتح ملف بند الضيافة في وزارة الداخلية، ليتكشف أثناء الجرد صرف مبالغ من الميزانية على أنها فواتير لوقود ووجبات غذائية وحجز فنادق وشراء ورود وهدايا، وتبين أن جميعها مزورة.

بدأت التحقيقات في سبتمبر 2018، حيث وُجّهت اتهامات لـ 24 شخصًا، بينهم مسؤولون في وزارتي الداخلية والمالية ورجال أعمال، بتهم التزوير والإهمال الجسيم والاستيلاء على المال العام وغسل الأموال. وفي يونيو 2023، أصدرت محكمة التمييز الكويتية أحكامًا نهائية، أبرزها السجن المؤبد للمتهم الرئيسي عادل الحشاش، المدير الأسبق لإدارة العلاقات العامة والإعلام والمتحدث الرسمي لوزارة الداخلية، وتغريمه 113 مليون دينار كويتي. 

أثارت القضية جدلاً واسعًا في الكويت، حيث أكدت القيادة السياسية على ضرورة مكافحة الفساد ومحاسبة المتورطين، بغض النظر عن مناصبهم أو انتماءاتهم. أكد أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح رحمه الله أن "محاربة الفساد ليست خيارًا بل هي واجب شرعي واستحقاق دستوري ومسؤولية أخلاقية ومشروع وطني يشترك الجميع في تحمل مسؤوليته". 

كشفت التحقيقات عن استغلال المتهمين لمناصبهم لتزوير فواتير وصرف مبالغ ضخمة على فعاليات ووفود وهمية، مما أدى إلى اختلاس ملايين الدنانير من المال العام. وأشارت التقارير إلى أن الفساد اجتاح 20 قطاعًا حكوميًا في الكويت، من بينها وزارة الداخلية، حيث تم التحقيق في قضايا فساد واختلاس للمال العام، أبرزها قضية "ضيافة الداخلية". 

"ديوان المحاسبة: بند الضيافة يتحول إلى بوابة لاختلاس المال العام"
تقرير ديوان المحاسبة: كشف تقرير ديوان المحاسبة عن تجاوزات مالية كبيرة في وزارة الداخلية، خاصة في بند الضيافة والهدايا، حيث تجاوزت المصروفات غير المبررة 30 مليون دينار كويتي خلال السنتين الماليتين 2014/2015 و2015/2016. أشار التقرير إلى وجود هدر مالي وسوء استغلال وتدليس ومخالفة للقوانين والأنظمة، مما أدى إلى تجاوزات إدارية ومالية جسيمة تمس المال العام. ولعب ديوان المحاسبة دورًا محوريًا في كشف هذه التجاوزات، حيث قام فريق التدقيق بإعداد وإنجاز تقرير مفصل عن طبيعة المصروفات المتعلقة بالضيافة والحفلات والهدايا والرحلات بوزارة الداخلية. وبالمناسبة تم تكريم فريق التدقيق من قبل رئيس ديوان المحاسبة تقديرًا لجهودهم المبذولة في إعداد التقرير.   

"فساد بلا حدود.. تفاصيل صادمة عن فواتير مزورة وهدايا وهمية في وزارة الداخلية"

  تقرير مجلس الأمة: لجنة الميزانيات والحساب الختامي في مجلس الأمة قامت بمراجعة تقارير ديوان المحاسبة، واكتشفت تضخمًا غير مبرر في بند الضيافة بوزارة الداخلية. أثناء الجرد الذي أجرته الإدارة العامة للإمداد والتموين، تبين صرف مبالغ كبيرة على فواتير لوقود ووجبات غذائية وحجز فنادق وشراء ورود وهدايا، وتبين أن جميعها مزورة. 

 

"محكمة التمييز تسدل الستار على قضية 'ضيافة الداخلية' بعد 1633 يومًا من المحاكمات”
 

الأحكام الصادرة بحق المتهمين البارزين:

القضية شملت أكثر من 20 متهمًا، وحكمت المحاكم الكويتية بأحكام متفاوتة بالسجن والغرامات.

(1) عادل الحشاش:
  • المنصب: المدير السابق للعلاقات العامة والإعلام الأمني بوزارة الداخلية.
  • الدور في القضية: الحشاش كان العقل المدبر لعملية الاختلاس، حيث أشرف على تزوير فواتير بند الضيافة واستغلال منصبه لتسهيل صرف الأموال.
  • الحكم: السجن المؤبد (25 سنة).
    • الغرامة: 113 مليون دينار كويتي.
    • إلزامه برد المبالغ المختلسة.
(2) الشيخ أحمد الخليفة الصباح:
  • المنصب: وكيل وزارة الداخلية المساعد للشؤون المالية والإدارية.
  • الدور في القضية: اتُهم بالإهمال الجسيم والسماح بصرف الأموال دون تدقيق كافٍ.
  • الحكم: السجن سنتين مع الشغل والنفاذ.
    • أثار الحكم جدلًا واسعًا كونه أحد أفراد الأسرة الحاكمة، لكن القضاء أثبت مسؤوليته القانونية.
(3) إقبال جاسم الخلفان:
  • المنصب: مراقب إدارة الضيافة في وزارة المالية.
  • الدور في القضية: كانت جزءًا من منظومة التزوير والإشراف على المستندات المزورة.
  • الحكم: السجن 15 سنة مع الأشغال الشاقة.
(4) حمد السنين:
  • المنصب: مدير الإدارة المالية بوزارة الداخلية.
  • الدور في القضية: تورط في تسهيل عمليات صرف الأموال وتزوير المستندات.
  • الحكم: السجن 7 سنوات مع الأشغال الشاقة.
(5) أيمن السيد سلامة (رجل أعمال مصري):
  • الدور في القضية: تورط في تقديم فواتير وهمية وتسهيل عمليات الاختلاس.
  • الحكم: السجن 15 سنة.
    • الغرامة: 18.5 مليون دينار كويتي.
(6) غصون غسان الخالد (سيدة أعمال):
  • الدور في القضية: شاركت في تزوير فواتير واستخدام الأموال المختلسة.
  • الحكم: السجن 7 سنوات مع الأشغال الشاقة.
(7) وليد خالد الصانع:
  • المنصب: موظف بوزارة الداخلية.
  • الدور في القضية: شارك في عملية التزوير والاختلاس.
  • الحكم: السجن 15 سنة.
(8) عبد الله محمد الحمادي:
  • المنصب: موظف بوزارة الداخلية.
  • الحكم: السجن 15 سنة.
(9) نور الدين جابر الكتاتني:
  • المنصب: موظف بوزارة الداخلية.
  • الحكم: السجن 10 سنوات.
(10) حمد إبراهيم التويجري (رجل أعمال):
  • الدور في القضية: تورط في استخدام الأموال المختلسة بطرق غير قانونية.
  • الحكم: السجن 7 سنوات.
(11) علي منير حداد (رجل أعمال):
  • الحكم: السجن 7 سنوات.
(12) محمد طارق الكاظمي (رجل أعمال):
  • الحكم: السجن 7 سنوات.

حرامية ضيافة الداخلية مع الوزير محمد الخالد الصباح

 
 
"محاسبة المتورطين في 'ضيافة الداخلية'.. رسالة قوية لمكافحة الفساد"
 
قضية "ضيافة الداخلية" تمثل محطة فاصلة في تاريخ الكويت الحديث، حيث كشفت عن مدى خطورة الفساد داخل المؤسسات الحكومية وأهمية تفعيل الرقابة والمساءلة على جميع المستويات. أظهرت القضية أن الفساد لم يكن مقتصرًا على أفراد بعينهم، بل كان شبكة متكاملة استغلت بندًا ماليًا حيويًا لاختلاس المال العام بمبالغ هائلة. الأحكام النهائية التي أصدرتها محكمة التمييز، بما فيها السجن المؤبد وغرامات ضخمة، بعثت برسالة واضحة بأن العدالة لا تميز بين الأفراد مهما كانت مناصبهم أو مكانتهم الاجتماعية. كما عززت القضية من أهمية دور مجلس الأمة وديوان المحاسبة في كشف التجاوزات والدفاع عن المال العام. ومع أن هذه الأحكام أنهت الملف القانوني للقضية، فإنها تفتح المجال أمام تحديات أوسع لتعزيز الحوكمة، وتطوير الأنظمة الرقابية، وإعادة بناء الثقة بين الشعب ومؤسسات الدولة. قضية "ضيافة الداخلية" ليست مجرد حادثة فساد، بل هي دعوة لتحصين الكويت ضد مثل هذه التجاوزات مستقبلاً.